ستارحجاب
اهلا بك ايتها الزائرة نرحب بك وندعوك للتسجيل بالمنتدى ونتمنى قضاء وقت ممتع معنا


ستارحجاب
اهلا بك ايتها الزائرة نرحب بك وندعوك للتسجيل بالمنتدى ونتمنى قضاء وقت ممتع معنا


ستارحجاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ستار حجاب المنتدى خاص بالسيدات به كل شئ يخص المراة من جمالها وعينتها بنفسها ازيائك ومكياجك ورشاقتك وهوايتك واحلامك وعنايتك باسرتك وطفلك
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حق الله تعالى على عباده

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
awja3
مشرفة منتدى الازياء
مشرفة منتدى الازياء
awja3


ما رايك فى المنتدى : روعة
عدد المساهمات : 982
نقاط : 1238
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/12/2010
العمر : 26
الموقع : عالمي الخاااااااااااااااااص

حق الله تعالى على عباده Empty
مُساهمةموضوع: حق الله تعالى على عباده   حق الله تعالى على عباده Emptyالثلاثاء مارس 15, 2011 5:50 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة الحق والرضى وأشهد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي العدل والهدى . أما بعد
فإن الله جل وعلا خلق العباد ، وأوجد الخلق لعبادته وحده سبحانه ، وهو غني عن عبادتهم ، ولكن ما ذاك : إلا ليختبرهم ويمتحنهم ، ليجزيهم بأعمالهم فمن أطاع وشكر وعبد الله وحده دون سواه فله النعيم ، ومن عصى وتكبر وكفر بالله عز وجل وأشرك معه غيره فله الجحيم ، فقد أخبر الله عز وجل أنه خلق الثقلين لعبادته فقال سبحانه : [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] " الذاريات56 " كذلك أخبر سبحانه أنه ما من شيء إلا يعبد الله ، ولكن لا يعلم ذلك إلا الله فقال المولى جل وعلا : [ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ] " الإسراء44 " والله عز وجل لم يخلق الخلق عبثا وهملاً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنما خلقهم لعبادته وحده سبحانه لا شريك له ، ثم بعد ذلك يعودون إليه ليجازيهم بأعمالهم . قال تعالى : [ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ] " المؤمنون115 " ، وقال تعالى : [ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ] " الزلزلة7،8 " فكل مجزي بعمله يوم القيامة ، فآخذ كتابه بيمينه ، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره .
فمن أطاع الله عز وجل فقد فاز بالجنة والحسنى ، ومن عصى الله تعالى فقد باء بالنار والعسرى .
وقد أمر الله تعالى بإخلاص العبادة له وحده لا شريك له قال تعالى : [ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ] " البينة5 " وقال صلى الله عليه وسلم : { إنما الأعمال بالنيات …… } ( متفق عليه ) وقال صلى الله عليه وسلم { إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم } (مسلم ) فلا بد لقبول العمل من شرطين :
1- أن يكون خالصاً لله عز وجل .
2- أن يكون صواباً موافقاً لما جاءت به الشريعة .
فإذا توافر في العمل الشرطان السابقان فهو بإذن الله تعالى مقبول ومأجور صاحبه عليه .
ويجدر بنا قبل الخوض في حقوق الله تعالى على عباده أن نتعرف على عظمة الخالق سبحانه ، لما في ذلك من زيادة الإيمان بإذن الله المنان .

1- الله خالق كل شئ :
فكل ما سوى الله عزوجل مخلوق له ، مربُوب مُدبّر ، مخير مسير، مكون بعد أن كان لاشئ ، جميع الخلق ملكه وعبيده ، وتحت قهره وقدرته ، وتحت تصريف مشيئته ، قال تعالى : [ الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل ] ( الزمر62) ، وفي صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، قال : وكان عرشه على الماء } ، وعند الإمام أحمد ، عن عبادة بن الصامت رضي اله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن أول ما خلق الله القلم ، ثم قال له اكتب ، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة } ، قال تعالى : [ فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ] ( المؤمنون116 ) ، وقال تعالى : [ الرحمن على العرش استوى ] ( طه5) .
فالله هو الخالق الواحد الوهاب ، خالق خلقه من تراب ، وقاهر الصلاب ، ومسبب الأسباب ، ورب الأرباب ، فلا إله إلا الله العزيز الغفار ، ولا حول ولا قوة إلا بالله الكبير المتعال ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

2- الكرسي :
ذكر بن كثير في البداية والنهاية ، قال السدي : السموات والأرض في جوف الكرسي ، والكرسي بين يدي العرش ، وعن بن عباس أنه قال : لو أن السموات السبع والأرضين السبع بُسطن ثم وصُلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة ، قال تعالى : [ وسع كرسيه السموات والأرض ] ( البقرة 255) ، قال صلى الله عليه وسلم : { ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض } .
3- اللوح المحفوظ :
وسأذكر مايخص اللوح المحفوظ بنص ما ذكره بن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية ، فقال رحمه الله : عن بن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، لله فيه في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء } ، وقال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش .
4- خلق السموات والأرض :
قال تعالى : [ خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ] ( السجدة 4 ) ، وقال تعالى : [ ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شئ عليم ] ( البقرة 29 ) ، وقال تعالى : [ الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علماً ] ( الطلاق 12 ) ، وقال البخاري : قال صلى الله عليه وسلم : { كان الله ولم يكن شئ غيره ، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شئ ، وخلق السموات والأرض } ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : { خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر خلق ، خلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل } ( أحمد ومسلم ) .
فامتن الله على عباده بما خلق لهم من البحار والأنهار ، فالبحر المحيط بسائر أرجاء الأرض ، وما ينبت منه في جوانبها الجميع مالح الطعم مر، وفي هذا حكمة عظيمة لصحة الهواء ، إذ لو كان حلواً لأنتن الجو وفسد الهواء بسبب ما يموت فيه من الحيوانات ، فكان يؤدي إلى تفاني بني آدم ، ولكن اقتضت الحكمة البالغة أن يكون على هذه الصفة لهذه المصلحة ، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البحر ، قال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته .
وأما الأنهار فماؤها حلو عذب فرات سائغ شرابه لمن أراد ذلك ، وجعلها الله جارية سارحة ينبعها في أرض ويسوقها إلى أخرى رزقاً للعباد ؟
5- خلق الملائكة وصفاتهم :
الملائكة خلق من خلق الله تعالى ، خلقهم لغايات سامية ، وأمور عديدة لايعلمها إلا عالم الخفيات ، فمنهم الموكل بإنزال الوحي على الأنبياء والرسل وهو جبريل عليه السلام ، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية التي خلقه الله عزوجل عليها وله ستمائة جناح مابين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ، ومنهم إسرافيل وهو الملك الموكل بالنفخ في الصور ، ومنهم ميكائيل وهو الموكل بإنزال المطر ، ومنهم ملك الموت وهو الموكل بقبض الأرواح ، وبحيال البيت الحرام يوجد البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من الملائكة يصلون فيه لايعودون إلى يوم القيامة ، ولا يعلم عدد الملائكة إلا الله عزوجل ، قال صلى الله عليه وسلم : { إني أرى مالا ترون ، وأسمع مالا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد ، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولما تلذذتم بالنساء على الفرشات ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزوجل } فقال أبو ذر : والله لوددت إني شجرة تعضد ، وفي حديث آخر : { ما في السموات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً : ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لا نشرك بك شيئاً }
ومن الملائكة من هو موكل بتصريف الرياح والسحاب بإذن ربهم ، ومنهم أعوان ملك الموت ، ومنهم رضوان خازن الجنة ، ومنهم مالك خازن النار ، ومنهم الزبانية ، ومنهم فتانا القبر وهما اللذان يسألان الميت في قبره ، ومنهم الموكلون بالجنان وتزيينها وتهيئتها لساكنيها ، ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم ، ومنهم سكان السموات ، ومنهم حملة العرش ، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد ، ومنهم رقيب وعتيد وهما كاتبا الحسنات والسيئات ، ومنهم الملائكة الذين يتعاقبون على العباد بالليل والنهار ويجتمعون في صلاتي الفجر والعصر ، ومنهم الملائكة الذين يكتبون الأول فالأول يوم الجمعة حتى يدخل الخطيب ، ومنهم الذين يحفون مجالس الذكر وحلقه قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا قوا أنسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ] ( التحريم6 ) ، وقال تعالى في وصف الملائكة : [ يسبحون الليل والنهار لا يفترون ] ( الأنبياء20 ) ، قال صلى الله عليه وسلم : { خُلقت الملائكة من نور ، وخُلق الجان من مارج من نار ، وخُلق آدم مما وصف لكم } ( مسلم وغيره ) ، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة ، فلله الحكمة البالغة .

6- خلق الجان وكيد الشيطان :
خلق الله الجن من نار كما سبق وأشرنا في الحديث السابق ، فلما خلق الله آدم عليه السلام أمر الملائكة أن تسجد له فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى وعصى ربه وامتنع عن السجود لآدم ، وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، فاستحق بذلك اللعنة من رب العالمين ، فأهبط إلى الأرض ذليلاً حقيراً مذؤوماً مدحوراً ، متوعداً بالنار هو ومن اتبعه من الجن والإنس ، ومع ذلك فهو يسعى جاهداً لغواية بني آدم عن جادة الصواب ، وأخذ العهد على نفسه ليقعدن لهم كل مرصد ، وليضلنهم عن الطريق المستقيم ، ولكن الله تكفل بحفظ وعصمة من آمن به وصدق رسله واتبع شرعه ألا يسلط عليهم إبليس وأعوانه ، قال تعالى : [ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ] ( الإسراء 65 ) ، فإبليس حي إلى يوم القيامة ، منظر إلى ذلك اليوم الموعود الذي وعده ربه اختباراً للعباد ومحنة لهم ، وله عرش على وجه الماء جالس عليه ، ويبث سراياه يلقون بين الناس الشر والفتن ، ويفرقون بين المرء وزوجه ، قال صلى الله عليه وسلم : { إن الشيطان يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه في الناس ، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : مازلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا ، فيقول إبليس : لا والله ماصنعت شيئاً ، ويجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله ، قال : فيقربه ويدنيه ويقول : نعم أنت } (مسلم) وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : { إن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم } ، فالشيطان يوسوس لابن آدم حتى يوقعه في الخطيئة فإذا ذكر العبد ربه خنس ، وإذا لم يذكر ربه ونسي التقم الشيطان قلبه ، فيوسوس له حتى ينسيه ذكر ربه ، قال صلى الله عليه وسلم : { يأتي الشيطان أحدكم ، فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك ، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولنته } ( البخاري ومسلم ) ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه } ( أحمد وغيره ) ، فكما ذكرنا أن الشيطان يوسوس لابن آدم حتى ينسيه ذكر ربه سبحانه ، فمنهم ما يوسوس للمصلي في صلاته وهذا الشيطان اسمه " خنزب " ، ومنهم من يوسوس للمسلم في وضوءه ويسمى هذا الشيطان " الولهان " ، ومنهم أعوان السحرة والمشعوذين ، فإذا أراد المسلم التخلص من كيد الشيطان ووسوسته فعليه بطاعة الله عزوجل والتحصن من الشيطان بالأذكار والأدعية المشروعة المذكورة في كتاب الله تعالى وفي كتب السنة ، قال تعالى : [ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ] ( الأعراف201 ) ، وقال تعالى : [ وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ] ( الأعراف 200 ) .
نسأل العظيم رب العرش الكريم أن يجنبنا الشيطان ووسوسته ، ونعوذ بالله الحليم أن يتخبطنا الشيطان عند الموت ، فاللهم إن إبليس عبد من عبادك ناصية بيدك يرانا من حيث لا نراه وأنت سبحانك تراه من حيث لا يراك ، اللهم إناندرأ بك في نحره ونعوذ بك من شره ، اللهم إنا نعوذ بك أن يأمرنا بفعل ما نهيتنا عنه ، أو أن ينهانا بترك ما أمرتنا به ، إنك على كل شئ قدير .

7- خلق آدم :
خلق آدم يوم الجمعة ، خلقه الله تعالى بيديه ونفخ فيه من روحه وأمر ملائكته بالسجود له فسجدوا إلا إبليس لم يسجد تكبراً وتعنتاً فاستحق اللعنة من ربه ، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها } ومن وجه آخر : وفيه تقوم الساعة . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لما خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال : أي رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب من هذا ؟ قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال : رب وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : أي رب زده من عمري أربعين سنة ، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت قال : أولم يبق من عمري أربعون سنة ، ؟ قال : أولم تعطها ابنك داود ، قال : فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته } ( الترمذي وقال حسن صحيح ) .
فهل بعد هذا كله يُعبد غير الله سبحانه ؟ وهل بعد هذا يُطاع غير الله عزوجل ؟ وهل بعد ذلك يُشكر غير المنعم جلت قدرته ؟ ثم هل بعد هذا وذاك يُعصى الإله الواحد القهار ؟ الذي خضعت له الرقاب ، ولانت لجبروته الصعاب ، وخالق خلقه من تراب ؟ فلا إله إلا الله رب الأرباب ومسبب الأسباب .
فاللهم لك الحمد ما أحلمك على من عصاك ، وما أرأفك بمن تاب إليك ، فلك الحمد حتى ترضى ، ولك الحمد إذا رضيت ، ولك الحمد بعد الرضى ، سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك ، وما شكرناك حق شكرك ، غير أنا لا نشرك بك شيئاً ، فأنت أهل الثناء والمجد ، سبحانك وبحمدك عدد خلقك ، ورضا نفسك ، وزنة عرشك ، ومداد كلماتك .
ولله عزوجل على عباده حقوقاً كثيرة نذكر منها :
من حق الله تعالى على عباده الإيمان به سبحانه :
قال تعالى : [ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين ] ( البقرة177 ) ، وقال تعالى : [ آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ] ( البقرة 285 ) ، وقال تعالى : [ ياأيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله ] ( النساء 136 ) ، وفي حديث جبريل عليه السلام ، لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) { مسلم } ، فيدخل في الإيمان بالله ، الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه من أسمائه وصفاته ، أو أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته ، ويدخل في ذلك أنه رب العالمين ، وأنه الخلاق الرزاق ، وأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، ويدخل فيه أنه سبحانه أرسل الرسل وأنزل الكتب وقدر الأشياء وعلم بها قبل وجودها سبحانه وتعالى ، وانه لا ند له ، ولا مثيل له ولا شبيه ، وأنه على كل شئ قدير ، وأنه بكل شئ عليم ، قال تعالى : [ قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد ] ( الإخلاص ) ، وقال تعالى : [ ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ] ( الشورى11 ) ، وقال عزوجل : [ فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ] ( النحل74 ) ، وقال تعالى : [ هل تعلم له سمياً ] ( مريم65 ) ، وغير ذلك من الآيات الدالة على كماله سبحانه ، وأنه موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب ، فهو كما أخبر عن نفسه وأخبر عنه نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم له الأسماء الحسنى وله الصفات العلا .
فالواجب على المؤمن أن يؤمن بأسماء الله تعالى كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تكييف ، ومن ذلك : الاستواء ، والوجه ، واليد ، والرحمة ، والغضب ، والنزول ، والعلم ، والإرادة ، وغير ذلك من صفات الله عزوجل فتثبت له كما جاءت في الكتاب والسنة ، فنثبتها كما أثبتها أهل السنة والجماعة ، كما قال السلف رحمهم الله تعالى في الاستواء : ( الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ) . وهكذا في كل صفات الخالق جل وعلا ، فهو سبحانه لا يُشابهه أحدٌ من خلقه في شئ من صفاته .
وكذلك الإقرار له سبحانه بأنه الخلاق الرزاق مدبر الأمور ومصرفها ، يعطي ويمنع ، يخفض ويرفع ، ويعز ويذل ، ويحيي ويميت ، وهو على كل شئ قدير ، والإيمان بأن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد ، لاشريك له في ملكه ، لا في السماء ولا في الأرض ، بل هو المستحق للعبادة سبحانه ، قال تعالى : [ فاعبد الله مخلصاً له الدين * ألا لله الدين الخالص ] ( الزمر2،3 ) ، فإنه لامعبود بحق إلا الله تعالى ، فالله جل وعلا هو الحق ، وقوله الحق ، وله دعوة الحق ، وعبادته هي الحق ، وما سواه باطل ، فلا يُستغاث إلا بالله ، ولا يُنذر إلا لله ، ولا يُتوكل إلا عليه ، ولا يُطلب الشفاء إلا منه ، ولا يُطاف إلا ببيته العتيق ، ولا يُذبح إلا له ، ولا يُدعى إلا هو سبحانه ، ولا يُحلف إلا به ، إلى غير ذلك من أنواع العبادة ، قال تعالى : [ وإلهاكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ] ( البقرة 163 ) ، وقال تعالى : [ إياك نعبد وإياك نستعين ] ( الفاتحة 5 ) ، وقال تعالى : [ ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ] ( الحج 62 ) ، وقال تعالى : [ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ] ( النساء 48 ) ، وقال تعالى : [ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ] ( المائدة 72 ) .

وخلاصة ذلك أن الإيمان بالله جل وعلا يتضمن أربعة أمور :
1- الإيمان بوجود الله عز وجل وهذا الأمر قد دلت عليه الفطرة فما من مخلوق إلا قد فطر على الإيمان بالله ووجوده سبحانه ، ودل العقل على وجود الله سبحانه وتعالى .
2- الإيمان بربوبية الله عز وجل ، أي بأنه وحده هو الرب لا شريك له ، وهو الخالق للعالم المدبر المحيي المميت ، وهو الرزاق ذو القوة المتين ، ولا يوجد أحد ينكر ربوبية الله عز وجل إلا مكابر ومعاند ، قال تعالى في فرعون : [ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ] ( النمل 14 ) .
3- الإيمان بألوهيته سبحانه وتعالى ، وهو إفراد الله بالعبادة ، وأنه لا يستحق العبودية غيره سبحانه وتعالى .
4- الإيمان بأسمائه وصفاته ، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
ومن حق الله تعالى على عباده النصح له سبحانه :
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه ، من حديث تميم الداري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { الدين النصيحة ( ثلاثاً ) ، قلنا لمن يا رسول الله ، قال : لله عزوجل ، ولكتابه ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وللأئمة المسلمين وعامتهم } ، فالنصيحة لله تعالى تقتضي القيام بأداء الواجبات على أكمل وجه وهذا هو مقام الإحسان ، فأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه سبحانه يراك ، وكذلك الاجتهاد في التقرب إلى الله تعالى بنوافل الطاعات ، وترك المحرمات والمكروهات . فالنصيحة لله عزوجل هي شدة العناية باتباع محبة الله تعالى في أداء ما افترض ، ومجانبة ما حرم . وأن يؤثر الله تعالى على كل محبوب بالقلب وسائر الجوارح ، وأن تكون العبادة خالصة له سبحانه لا شريك له ، ولهذا قال تعالى : [ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ] ( التوبة 91 ) ، فسماهم الله محسنين لنصيحتهم لله بقلوبهم لما مُنعوا من الجهاد بأنفسهم .
ومن حق الله تعالى على عباده التعجيل بالتوبة :
فلا يدري الإنسان ما يعرض له خلال عمره من حوادث الزمن ونوائب الدهر ، فاليوم صحيح وغداً سقيم ، واليوم غني ، وغداً فقير ، واليوم فراغ ، وغداً في شغل ، وهكذا .
فينبغي على العاقل أن يستغل وقته لما فيه خير له في دينه ودنياه ، وليعجل بالتوبة النصوح ، ولا يسوف ولا يؤجل ويقول غداً ، غداً ، قال صلى الله عليه وسلم : { والله إني لا ستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة } ( البخاري ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : { أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة } ( مسلم ) ، ولا يدري ما يعرض له غداً قال تعالى : [ وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت ] " لقمان 34 " ، فمن حق الله على عباده إخلاص العبادة له وحده فهو الخالق الرازق المنعم المتفضل على عباده بكل ما لديهم من نعم وخيرات قال تعالى : [ وما بكم من نعمة فمن الله ] " النحل 53 " ، وكل ما هُيئ للإنسان من علم ومعرفة فهو من الله وحده لذلك استحق أن يعبد دون سواه قال تعالى : [ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ] " النحل 78 " ، ولقد تفضل الله على عباده بنعم عديدة لا تعد ولا تحصى ليتقوى بها الإنسان على عبادة ربه وخالقه ، ولتعينه على طاعة ربه سبحانه ، قال تعالى : [ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ] " إبراهيم 34 " ، وحال كثير من الناس اليوم غفلة عن حق الله عليه فلا حمد ولا شكر لله ، فحالهم ذنوب ومعاص ، وتقصير وتفريط في طاعة الله عز وجل ، فبدّلوا شكر المنعم كفراً ، كفروا نعمة الله تعالى فحل بهم الخزى والبوار ، فخير الله إليهم نازل ، وشرهم إليه صاعد .
ولقد قصر وفرط كثير من المسلمين في هذا الزمان بركن من أهم أركان الإسلام ، ألا وهو الصلاة فتفريط وعدم اهتمام بها ، بل إن البعض أسقطها من قاموس حياته ، فلا مكان لها أصلاً في جدول يومه وليلته ، فأي تفريط بعد هذا التفريط وأي تضييع بعد هذا التضييع .
فقد أوجب الله عز وجل على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة ، وأوجب عليهم المحافظة عليها ، فقال جل من قائل سبحانه : [ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ] " البقرة 238 " ، وقال تعالى : [ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ] " النساء 103 " .
فالصلاة هي الحد الفاصل بين الإسلام والكفر والشرك فتاركها جاحداً لوجوبها كافر بالإجماع وتاركها تهاوناً وكسلاً كافر على القول الصحيح من أقول أهل العلم ، قال صلى الله عليه وسلم : { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر } ( الترمذي وقال حسن صحيح ) ، فمن حق الله على عباده أن يحافظوا على الصلوات المفروضة في أوقاتها حيث ينادى بها في بيوت الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : { من سمع النداء فارغاً صحيحاً فلم يجب فلا صلاة له } ( صحيح الترغيب والترهيب ) .
ومما قصر فيه كثير من الناس في هذا الزمان الزكاة وما أدرك ما الزكاة ، هي تلك الأموال التي تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقراءهم ، فأصبح البعض يتساهل بهذا الركن من أركان الإسلام ولا يلقون له بالاً ، فهاهي الأموال من ورق نقدية وذهب وفضة تتكدس لدى البعض ولا ينفقها في سبيل الله ، لا يؤدي حق الله فيها ، فالله هو الذي رزقه إياها ، فهو الواهب المنعم ، ثم لا تجد أكثرهم شاكرين ، قال تعالى : [ إن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لا نفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ] " التوبة 35 " .
وقال صلى الله عليه وسلم : { ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فأحمى عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد فيري سبيله ، إما إلى الجنة وإما إلى النار ،……… } ( متفق عليه ) ، والزكاة ركن من أركان الإسلام الذي لا يتم إسلام المرء إلا بالاعتراف بها وأنها ركيزة من ركائز هذا الدين الحنيف ، وهي حق من حقوق الله على عباده .
ومن حق الله على عباده ، صوم رمضان ، فهو الركن الرابع من أركان الإسلام ، وهو أيضاً ركيزة من ركائزه ، فكل العبادات للإنسان إلا الصوم فإنه لله عز وجل اختص الله به من بين سائر العبادات ، ليجزي الصائم من فضله سبحانه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل عمل بن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به …… } ( متفق عليه ) .
وقد اختص الله به لأن فيه من الإخلاص لله عز وجل والتعبد له بحيث لا يطلع على الصائم في صيامه إلا من لا تخفى عليه خافية ، فالصيام من العبادات السرية التي لا يطلع عليها الناس ، بل هو سر بين العبد وربه وياله من أسف حينما نرى بعضاً من المسلمين وهم يجاهرون الله بالإفطار في نهار رمضان ، وما قاموا بحق الله عليهم ، وما طمعوا في جنة ربهم سبحانه وما رغبوا في عظيم عفو ربهم جلت قدرته ، يتنعمون بنعم الله عليهم ليل نهار ، وما استحيوا منه سبحانه وما قاموا بشكر تلك النعم ، بل قابلوا الإحسان با لكفران ، قابلوا الحسنة بالسئية ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، قال تعالى : [ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار ] " إبراهيم 28/29 " فحال الإنسان لمن صنع إليه معروفاً أن يكافئه على حسن صنيعه ، ويتحبب إليه ويتودد له ، فكيف برب الأرض والسماء ، الغني عنا ونحن الفقراء إليه ، ألا ينبغي على المسلم أن يقابل نعم الله عليه بالشكر ، والحياء منه سبحانه ، بلى والله ! ولكنها الغفلة المهلكة والعياذ بالله .
ومن حق الله على عباده أداء فريضة الحج لأنه الركن الخامس من أركان الإسلام ، ودعيمة من دعائمه فينبغي على المسلم أن يبادر بأداء فريضة الحج على الفور ، ولا يتراخى في ذلك ، ولا يتساهل ولا يتكاسل حتى يعرض له عارض من عوارض الدنيا ، فيقعده عن أداء هذه الفريضة ، قال تعالى : [ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ] " آل عمران 97 " ، ومن ملك الزاد والراحلة ثم لم يحج فليمت كيفما شاء يهودياً أو نصرانياً ، والحج المبرور ـ الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية ، فلم يرفث ولم يفسق ولم يصخب أو يجادل فجزاء هذا الحج المبرور الجنة ، وإننا والله لنرى أناساً أعطاهم الله من النعم والخيرات ما لا يعلمه إلا هو سبحانه ومع ذلك لم يقوموا بأداء هذه الشعيرة من شعائر هذا الدين العظيم ، بل إن البعض لم يبالي بها أصلاً والبعض الآخر يسوف ، ويسول له الشيطان وهو لا يدري ما قد يعرض له من مصائب الدنيا ونوائبها .
فحق الله عز وجل على أولئك أن يسارعوا إلى الخيرات ويسابقوا إليها ، ويشمروا عن سواعدهم ليقوموا بحقوق الله عليهم ، ليفوزوا برضوانه سبحانه .
ومن حق الله على عباده الصبر :
الصبر منزلة عُظمى لا يدركها إلا قلة من العباد الذين عرفوا قدر وعظمة هذه المنزلة عند الله تعالى، فالواجب على العباد أن يصبروا محتسبين ، يصبروا على أقدار الله التي قدرها عليهم ، فلا يجزع الإنسان ولا يعترض على قضاء الله وقدره ، بل الواجب عليه الصبر والاحتساب ، قال تعالى : [ يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ] " آل عمران 200 " ، وقال تعالى : [ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ] " الزمر 10 " . وقال صلى الله عليه وسلم : { ومن يتصبّر يُصبّره الله ، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر } ( متفق عليه ) .
والصبر أنواع ثلاثة :
النوع الأول : الصبر على طاعة الله :
الطاعة ثقيلة على النفس ، تصعب على الإنسان ، وقد تكون ثقيلة على البدن بحيث يكون مع الإنسان شيء من العجز والتعب ، وقد يكون فيها مشقة من الناحية المالية وغير ذلك ولكن لا بد للإنسان من صبر وجلد وتعويد على الصبر، فالطاعات فيها شيء من المشقة على النفس والبدن تحتاج إلى صبر ومعاناة .
النوع الثاني : الصبر عن محارم الله :
بحيث يكف الإنسان نفسه عما حرم الله عز وجل ، لأن النفس الأمارة بالسوء تدعوا صاحبها وتدفعه إلى فعل السوء وعمل القبيح من القول والعمل ، فينبغي على الإنسان أن يُصبّر نفسه ويروضها على الصبر ، والابتعاد عن محارم الله عز وجل حتى يفوز برضى ربه سبحانه . وليعلم أن من ارتكب محارم الله فهو عاصٍ لله عز وجل ومعرضٌ للعقوبة والحسرة والندامة ، فينبغي عليه أن يسعى جاهداً لمجاهدة نفسه الأمارة بالسوء حتى يكون من الفائزين ويكون من السعداء، قال تعالى : [ فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ] "آل عمران185 "
وقال صلى الله عليه وسلم : { والصبر ضياء } ( مسلم ) ، لأن بالصبر تنكشف الغموم والهموم والكربات .
النوع الثالث : الصبر على أقدار الله :
وهو قسمان :
الأول : أقدار الله الملائمة : وهي التي تحتاج إلى شكر والشكر من الطاعات التي تحتاج إلى صبر عليها ، فيحصل له الثواب بإذن الله تعالى .
الثاني : أقدار الله المؤلمة : بحيث لا تلائم الإنسان ، فقد يبتلى الإنسان في ماله وبدنه وأهله وغير ذلك ، فأنواع البلايا كثيرة ، وهي تحتاج إلى صبر وجلد ومعاناة ، فيُصبّر الإنسان نفسه عما يحرم عليه من إظهار الجزع والهلع وعدم الرضا بما قدر الله عليه ، سواءً باللسان أو بالجوارح ، أو بالقلب .
فيصبر الإنسان على ما قدره الله عليه وليبشر بالثواب من الله تعالى ، قال جل وعلا : [ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ] " البقرة 155/156/157 " وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة } ( البخاري ) .
فمن ابتلي بفقدان حبيبه في هذه الدنيا ثم ادخر ثوابه عند الله وصبر وسلم أمره إلى الله عز وجل فقد وقع أجره على الله وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وبعد ذلك يدخل الجنة بإذن الله تعالى .
وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
{ إن الله عز وجل قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ( يعني عينيه ) . فصبر عوضته منهما الجنة } ( البخاري ) .
فينبغي على المؤمن الحق أن يصبّر نفسه ويحبسها ويعودها الصبر رجاء ثواب الله عز وجل ، والعبد لا يستغني عن الصبر في كل أحواله ، فالإنسان ما بين سراء وضراء .
ومن حق الله تعالى على عباده الصدق معه سبحانه :
قال ابن قيم الجوزيه في (( مدارج السالكين )) واصفاً الصدق ( وهي منزلة القوم الأعظم ، الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين ، والطريق الأقوم ، الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين ، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان ، وسكان الجنان من أهل النيران ) .
فالصدق مع الله عز وجل في العبادات والطاعات والقربات بحيث تكون له سبحانه دون سواه ، وهو خصلة محمودة يجب على الجميع رجالاً ونساءً أن يتحلوا بها ، فالصدق صفة المؤمنين وسمة من سماتهم .
الصدق منجاة للعبد أمام ربه ، وهو سبيل إلى الجنة ومؤد إليها فمن تقوى الله عز وجل الصدق معه سبحانه ، فينبغي على العبد أن يروض نفسه ويعودها على الصدق حتى تعتاده وتطيقه ، فلا يستحي الإنسان من قول الصدق .
كذلك ينبغي على الإنسان أن يتجنب الكذب ، لأنه صفة الجهلاء ، وحيلة الضعفاء، والكذب من الصفات الذميمة التي ينبغي على المسلم أن يتجنبها ويبتعد عنها فهو يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار فالواجب على المؤمن أن يتحلى ويتصف بصفات المؤمنين ومنها الصدق لأنه طمأنينة ، ومن صدق الله صدقه الله عز وجل .

ومن حق الله تعالى على عباده مراقبته سبحانه وتعالى :
ينبغي على العبد أن يكون مراقباً لربه مستحضراً قربه منه وأنه مطلع عليه ، حتى كأنه يرى مولاه سبحانه فإن لم يكن يراه ، فإنه سبحانه يراه ويطلع عليه ، يطلع على سره وعلنه ، جهره وهمسه ، ظاهره وباطنه ، فالله جل وعلا لا يخفى عليه شيء من أمر عباده ، قال تعالى : [ الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين ] " الشعراء 218/219 " وقال تعالى : [ وهو معكم أينما كنتم ] " الحديد 4 " وقال تعالى : [ وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء ] ( إبراهيم 34 ) ، فالله عز وجل مطلع على خلقه معهم بعلمه ، وهو مستو على عرشه ، بائن من خلقه ، يسمع ويرى ، يسمع كلامهم ويرى مكانهم ، ويعلم سرهم ونجواهم ، في ليل أو نهار في بر أو بحر أو جو ، في البيوت أو الصحاري ، فحري بالمؤمن أن يراقب ربه في كل سكناته وحركاته يراقب مولاه في كل همسة من همساته ، يراقب ربه في كل صغيرة وكبيره ، فهو مطلع على الأعمال والأفعال والأقوال .
والله جل وعلا مع عباده بعلمه وقوته وسلطانه ، وهو مع عباده المؤمنين بحفظه ورعايته وتأييده وتسديده لهم ، قال تعالى : [ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ] " النحل 128 " .
فينبغي على المؤمن أن يتقي الله عز وجل وهذا من مراقبته لربه قال صلى الله عليه وسلم : { اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن } ( الترمذي وهو صحيح ) ، فيتق الله المؤمن في كل أحواله ، في خلوته وجلوته في حضره وسفره لأن الله مطلع عليه ، فتقوى الله أن تجعل بينك وبين عقابه وسخطه وغضبه وقاية وحاجزاً ، وتخاف من الجليل ، وتؤمن بالتنزيل ، ولا يتم ذلك إلا بمراقبة المولى جل وعلا فمن راقب الله عز وجل وعلم أن الله مطلع عليه ، أقلع عن الذنوب والمعاصي ، ولاذ إلى خالقه وبارئه سبحانه مبتعداً عن النيران ، مقترباً من الجنان ، قريباً من الطاعات وعاملاً لها ، مبتعداً عن المحرمات وتاركاً لها قال صلى الله عليه وسلم : { إن الله تعالى يغار ، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه} ( متفق عليه ) . وقال صلى الله عليه وسلم : { احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك … } ( الترمذي وهو صحيح ) .
وقال أنس رضي الله عنه : { إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات }( البخاري) ، فاستحقار الذنب وعدم المبالاة به دليل على عدم الخشية من الله وعدم مراقبة الله عز وجل في ذلك الذنب وتلك المعصية ، ففي الحديث : { إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه } .
فمن عظم الله في قلبه استكثر ذنوبه وحاسب نفسه وأدانها وعاتبها ولامها ، وما ذاك إلا لخوفه من ربه سبحانه ومراقبته له .
وإذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبـن الله يغفـل سـاعـة
ولا أن ما تخفي عليه يغيب
ومن حق الله علي عباده تقواه سبحانه :
فالتقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية وذلك بفعل الأوامر وترك النواهي ، وأهل التقوى هم أهل الجنة ، فلذلك يجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل طلباً لثوابه وخوفاً من عقابه قال تعالى: [ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ] " آل عمران 102 " .
والتقوى محلها القلب ، ولا يمكن أن يكون الإنسان متقياً لله في باطنه وعاص له في ظاهره .
فكم من أناس أقاموا أنفسهم على فعل المعاصي والآثام وإذا تم نصحه ، قال : الإيمان هنا ، وأشار إلى قلبه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : { ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب } ( متفق عليه ) ، فليس من المعقول أن يبطن الإنسان الإيمان والتقوى ويظهر الفسوق والعصيان ، خاصة وهو بين بني جلدته من المسلمين ، فو الله لو صلح قلبه لظهر ذلك جلياً على جوارحه ، قال الله تعالى : [ ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ] " الطلاق 2/3 " ، وقال تعالى : [ ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ] ( الطلاق 5 ) .
فما أكثر الذين اتقوا الله عز وجل فجعل لهم من كل ضيق مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ، ومن كل بلاءٍ عافية ، ومن كل عسر يسرا ، ورزقهم من حيث لا يحتسبون ، فمن يتق الله بفعل ما أمره الله به وترك ما نهاه عنه فسوف يجعل الله له من كل ضيق مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، كيف لا ؟ والله هو الذي تكفل له بذلك ، من يقول للشيء كن فيكون .
وكم من أناس تركوا أموراً محرمة عليهم ابتغاء وجه الله عزوجل ، فرزقهم الله خيراً منها ، ولا يستعجل الإنسان الرزق والشفاء من كل داء فإن الله وعد وهو الذي يوفي سبحانه ، ولكنه قد يؤخر ذلك اختباراً وامتحاناً لعبده ، هل سيستمر على تقواه وطاعته لخالقه أم سيعصي ، هل سيتوب من ذنبه أم يعود إليه .
قال صلى الله عليه وسلم : { يستجاب لأحدكم ( أي إذا دعا ) ما لم يعجل ، يقول : دعوت ثم دعوت ثم دعوت فلم يستجب لي } ( البخاري ومسلم ) .
وبالتقوى يحصل للإنسان زيادة في العلم وزيادة في الحفظ وزيادة في الهدى ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم : { اللهم إني أسألك الهدى ، والتقى والعفاف والغنى } ( مسلم ) ، وتقوى الله عز وجل وخشيته سبب من أسباب دخول الجنة ، فبالتقوى يكون صلاح القلب والجوارح ، فيعيش العبد بين الخوف والرجاء ، قال صلى الله عليه وسلم : { اتقوا الله ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا أمراءكم ، تدخلوا جنة ربكم } ( الترمذي وأحمد والحاكم وهو صحيح ) ، فالتقوى ملاك كل أمر ، وهي رادع وزاجر عن فعل المعاصي ودال وحاث على فعل الخيرات والطاعات والقربات والإكثار منها ، فيجب على المؤمن أن يتقي ربه في سره وعلانيته حتى يفوز برضى ربه والنظر إلى وجهه سبحانه.

ومن حق الله تعالى على عباده التوكل عليه سبحانه :
التوكل ثمرة من ثمرات اليقين ، واليقين هو قوة الإيمان حتى كأن الإنسان يرى بعينه ما أخبر الله به ورسوله من شدة يقينه ، فاليقين هو ثبات وإيمان ليس معه شك .
قال بن القيم في مدارح السالكين مبيناً معنى اليقين : (( وهو من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ، وبه تفاضل العارفون ، وفيه تنافس المتنافسون ، وإليه شمر العاملون … )) انتهى .
وقال بن رجب في جامع العلوم والحكم ، مبيناً معنى التوكل : (( هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها . . . . وتحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله سبحانه وتعالى المقدورات بها وجرت سنته في خلقه بذلك ، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له ، والتوكل بالقلب عليه إيمان به )) انتهى .
ومن توكل على الله فهو حسبه ، ففي هاتين المرتبتين اليقين والتوكل يحصل للإنسان مقصوده في الدنيا والآخره ويستريح ويعيش مطمئناً سعيداً لأنه موقن بكل ما أخبر الله به ورسوله ، ومتوكل على الله عز وجل .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : { أنه يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب . . . .إلى أن قال هم الذين لا يرقون ، ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون } ( متفق عليه ) .
وقال الألباني رحمه الله تعالى : " ليس عند البخاري ( لا يرقون ) وعنده مكانها ( لا يكتوون ) ولفظ مسلم شاذ سنداً ومتناً " .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى : " قوله لا يرقون كلمة غير صحيحة ولا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن معنى لا يرقون أي لا يقرؤون على المرضى وهذا باطل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرقي المرضى " .
عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا ، وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِهِ " [ أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد ] ، فيصبج مجموعهم : 4900000 أربعة ملايين وتسعمائة ألف .
فانظر إلى فضل الله عز وجل ورحمته بخلقه ، فاللهم لك الحمد والمنة .
ولكن لابد من توفر الشروط التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وهي :
أولاً : لا يسترقون : أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم إذا أصابهم شيء .
ثانياً : ولا يكتوون : أي لا يطلبون من أحد أن يكويهم إذا مرضوا .
ثالثاً : ولا يتطيرون : أي لا يتشاءمون .
رابعاً : وعلى ربهم يتوكلون : أي يعتمدون على الله وحده .
فخلاصة القول :
أن الإنسان لا يتوكل إلا على الله ، ولا يلجأ إلا إلى الله ولا يستعين إلا بالله سبحانه ، فيكون أمره كله لله ، قال تعالى : " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : { من قال ( إذا خرج من بيته ) بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يقال له : هُديت وكُفيت ووقِيت وتنحى عنه شيطان } وزاد أبو داود : { فيقول الشيطان ، لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هُدي وكُفي ووقي } ( الترمذي والنسائي وأبو داود وهو صحيح ) .
فالتوكل على الله حصن حصين ، ودرع متين ، يتحصن به المسلم من الشياطين . ولما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار كان أخر ما قال ( حسبي الله ونعم الوكيل ) ، فجاء الرد عاجلاً وسريعاً ممن عليه يتوكل المتوكلون : [ قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ] " الأنبياء 69 " .
فالتوكل ثمرة عظيمة وصفة ينبغي للمؤمن أن يتحلى بها وهي من كمال العبودية لله عز وجل ، وحق من حقوق الله على عباده .

ومن حق الله تعالى على عباده الاستقامة على دينه :
وحسبنا في ذلك قوله تعالى : [ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلاً من غفور رحيم * ] " فصلت 30/31/32 " .
قال بن كثير في تفسره : (( أي الذين أخلصوا العقيدة والعمل لوجه الله تعالى على ما شرع سبحانه وتعالى لهم وبقوا على ذلك حتى لقوا الله ، أي استقاموا على أداء فرائضه )) .
وروى مسلم في صحيحه والنسائي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : { قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ، قال صلى الله عليه وسلم : قل آمنت بالله ثم استقم ، قلت يا رسول الله : ما أكثر ما تخاف علي ؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرف لسان نفسه ثم قال هذا } .
فمن استقام على دين الله جل وعلا فليبشر بما بشره الله به فهو آمن في الدنيا وعند الموت عند ما تتنزل عليه الملائكة المأمورة بقبض الأرواح بألا يخاف عند ما يقدم للآخرة ولا يحزن على تركه من أمر الدنيا ، فيبشرونه بذهاب الشر وحصول الخير ، فيبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعث ، يبشر بروح وريحان ورب راضٍ غير غضبان .
فالملائكة أولياء للمؤمنين في الحياة الدنيا فهم يسددونهم ويحفظونهم بأمر الله تعالى ، وعند الاحتضار ، وكذلك هم معهم في الآخرة يؤنسونهم من الوحشة في القبور وعند النفخ في الصور ، يوم البعث والنشور ، ويجاوزون بالمؤمنين الصراط إلى جنات النعيم ، التي فيها ما تشتهيه النفوس وتلذ به العيون ، وذلك نزلاً من غفور رحيم أي ضيافة ، وعطاءً وإنعاماً من غفار الذنوب وستار العيوب علام الغيوب .
فأولياء الله عز وجل هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هم الذين اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى واستسلموا لأمره ثم استقاموا على الصراط المستقيم علماً وعملاً فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
فمن استقام مدة حياته على طاعة الله عز وجل وداوم عليها فهو بإذن الله آمن من كل شر ومكروه ، وهو من أصحاب الجنة الملازمون لها ، وذلك جزاء ما كان يعمل من الإيمان بالله المقتضي للأعمال الصالحة التي استقام عليها ، قال تعالى : [ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلاخوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ] " الأحقاف 13/14 " .
فمن حق الله على عباده الاستقامة على دينه وعدم الزيغ عنه ، واتباع أوامره واجتناب نواهيه والبعد عنها ، والقيام بفعل الطاعات وترك المنكرات من الأعمال والأقوال والأهواء ، حتى يكون صاحب ذلك من أهل الله عز وجل الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

ومن حق الله تعالى على عباده وجوب الانقياد له والتحاكم إليه ومجاهدة النفس على طاعته سبحانه :
فمن حق الله على عباده وجوب الانقياد له وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وألا يُعبد الله إلا بما شرع سبحانه أو شرعه نبيه صلى الله عليه وسلم ، فينقاد ويسلم بما جاء في كتاب الله عز وجل وبما جاء في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
ومن حق الله على عباده أن يتحاكموا إليه سبحانه ولا يقبلوا حكم غيره ، قال تعالى : [ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ] ، وقال تعالى :
[ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ] وقال تعالى : [ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ] " المائدة 44/45/47 " .
فلا يحكم الإنسان إلا بما أنزل الله عز وجل ، ومن حكم بغير ما أنزل الله واستحل ذلك واعتقده جائزاً فهو كافر كفراً أكبر ، وظالم ظلماً أكبر ، وفاسق فسقاً أكبر ، فهو كافر عند جميع المس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غالي الذكرى
ستار محجبة جديدة
ستار محجبة جديدة
غالي الذكرى


ما رايك فى المنتدى : روعة
عدد المساهمات : 18
نقاط : 18
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/03/2011

حق الله تعالى على عباده Empty
مُساهمةموضوع: رد: حق الله تعالى على عباده   حق الله تعالى على عباده Emptyالأربعاء مارس 16, 2011 12:18 am

جزاك الله كل خير
وبارك فيك
ونفع بك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نسمة
مشرفة منتدى الميكياج والاكسسورات
مشرفة منتدى الميكياج والاكسسورات
نسمة


ما رايك فى المنتدى : كوول
عدد المساهمات : 1010
نقاط : 13800
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 16/06/2010

حق الله تعالى على عباده Empty
مُساهمةموضوع: رد: حق الله تعالى على عباده   حق الله تعالى على عباده Emptyالخميس مارس 17, 2011 7:03 am

روووووووووعة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حق الله تعالى على عباده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ما أعظم أن نحب الله تعالى!!
» شرح كتاب صلاة الجمعة للسيد الشهيد محمد صادق الصدر الشهيد الصدر الثاني رحمة الله تعالى
» الفرق بين ان شاء الله و انشاء الله هاااااااااااام جدا
» احب الكلمة الى الله
» لا تنسى ذكر الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ستارحجاب :: أسلاميات :: المنتدى اسلاميات-
انتقل الى: